المفردات:
الحجة البالغة: أي: التامة ؛بإنزال الكتب ،وإرسال الرسل ،مع تسليم العقل .
التفسير:
قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين .
أي: البينة الواضحة التي بلغت أعلى درجات العلم والقوة والمتانة والكمال ،والتي تنقطع عندها معاذريهم ،وتبطل شبههم وظنونهم وتوهماتهم .
فلو شاء لهداكم أجمعين .
أي: لو شاء هدايتكم جميعا لفعل ؛لأنه لا يعجزه شيء ،ولكنه لم يشأ ذلك ،بل شاء هداية البعض ؛لأنهم صرفوا اختيارهم إلى سلوك طريق الحق ،وشاء ضلالة آخرين ؛لأنهم صرفوا اختيارهم إلى سلوك طريق الباطل .
إن مشيئة الله لم تجبر أحدا على طاعة أو معصية وقضاء الله وقدره هو علمه بكل ما هو كائن قبل أن يكون وليس العلم صفة تأثير وجبر .
ولقد شاءت إرادة الله أن يجعل في البشر الاستعداد للخير والشر ،غير أن سنة الله اقتضت أن من يفتح عينه يرى النور ومن يغمضها لا يراه ،كذلك من يفتح قلبه لإدراك دلائل الإيمان ؛يهتدي ومن يحجب قلبه عنها ؛يضل: سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا .( الفتح: 23 ) .
إن الله لم يشأ أن يجبر أحدا على طاعته أو معصيته ،قال تعالى: فلو شاء لهداكم أجمعين .فهي مشيئة المنح والتيسير ،وليست مشيئة الإلجاء والتسخير ،فمن سلك طريق الهدى ؛يسر الله له ذلك قال تعالى: فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى .( الليل: 5 – 7 ) .