{الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}: الحجّة البيّنة الواضحة التي تبلغ قطع عذر المحجوج بأن تزيل كل لبس وشبهة عمّن نظر فيها واستدل بها .والحجة: الدلالة المبيّنة للمحجّة المقصد المستقيم .
وقد جاء في رواية مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفر بن محمد( ع ) ،وقد سئل عن قوله تعالى:{قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} فقال: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالماً ؟فإن قال نعم ،قال له: أفلا عملت بما علمت ؟وإن قال كنت جاهلاً ،قال: أفلا تعلمت حتى تعمل ؟فيخصم فتلك الحجة البالغة .وجاء في رواية أخرى عنه:{فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} وهي التي تبلغ الجاهل فيعلمها بجهله كما يعلمها العالم بعلمه »[] ،لأن الله أكبر وأعدل من أن يعذب أحداً إلا بحجة .وهكذا نرى أن الجهل الذي يلتفت صاحبه إلى الاحتمالات المتنوعة في اختلاف الناس وفي تنوع أفكارهم المطروحة في الساحة ،لا يصلح عذراً للجاهل الذي يختزن في فطرته ذهنية البحث عن الحقيقة ،من خلال أنَّ المعرفة لا تكون إلا بالتعلم في كل الأشياء المتصلة بالحياة والمتعلقة بالمسؤولية .
{فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} بإجباركم على الإيمان والطاعة ..ولكن الله شاء لكم الحرية ..وأصدر إليكم تعليماته في طريقة ممارستكم لهذه الحريّة ..فإذا مارستم حريتكم في الاتجاه المضاد ،فإنكم تتحملون كل المسؤولية في ذلك .