قوله تعالى:{ثم ءاتينا موسى الكتب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون ( 154 ) وهذا كتب أنزلنه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون} ثم تفيد التراخي .وقيل: العطف .موسى والكتاب مفعولان للفعل{ءاتينا} .تماما ،منصوب على المصدر ،أو مفعول لأجله{[1321]} وأحسن ،قرئ بفتح النون على أنه فعل ماض وهو صلة الذي .وتقديره: تماما على من أحسن القيام به وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف: على الذي هو أحسن .واختلفوا في تأويل الآية .فقد قيل: آتيناه التوراة فضيلة على ما آتى المحسنين من عباده .وقيل: آتينا تماما على الذي أحسن موسى فيما امتحنه الله به في الدنيا من أمره ونهيه .وقيل: آتينا التوراة تماما كاملا جامعا لوجوه المصلحة والسداد مما يحتاج إليه في شريعته جزاء إحسانه في العمل وقيامه بأوامر الله وطاعته الكاملة له .وذلك إخبار من الله على سبيل الامتنان .على نبيه موسى ،إذ أنعم عليه بنعمة التوارة لما سلف له صالح الأعمال وحسن الطاعات .
قوله:{وتفصيلا لكل شيء} يعني تبيينا مفصلا لكل ما لقومه حاجة إليه من أمور دينهم بما يوضح لهم أحكام الحلال والحرام .
قوله:{وهدى ورحمة} الهدى يراد به هنا الدلالة التي ترشدهم إلى الحق والسداد وطريق الله المستقيم كيلا يضلوا .والرحمة ،أي من الله في أحكامه للمكلفين لينجوا من الضلالة والتعثر .
قوله:{لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون} أي أنزل الله التوراة على موسى لتكون هداية لبني إسرائيل ورحمة لعلهم إذا سمعوا ما فيها من الذكر والمواعظ خافوا وآمنوا بلقاء الله وهو يوم البعث والحساب .