قوله:{من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها} هذا تفضل من الله ورحمة غامرة يفيض بها الله على عباده المؤمنين ،إذ يجازيهم في مقابل الطاعة أضعافا كثيرة ولا يجازيهم في مقابل المعصية إلا بمثلها فمن فعل حسنة جوزي عشرة أضعافها ،ومن فعل سيئة فإنما يجزى من الجزاء بمثل ما أساء .والله سبحانه لا يظلم أحدا من الفريقين وهم فريق الإحسان وفريق الإساءة .فإن الله يجازي كل واحد منهم جزاءه الذي يستحقه .وذلك تأويل قوله:{وهم لا يظلمون} بل إن الله يضاعف للمحسنين أجورهم أضعافا كثيرة ويغفر للمسيئين إن تابوا ،بل إنه يبدل سيئاتهم حسنات .والله سبحانه إنما يجازي على النية ،وهي مناط المسؤولية والحساب .فمن هم أن يفعل خيرا ولم يفعله جوزي بمثله حسنة ،وإن هم بفعل سيئة ولم يفعلها لم تكتب له شيئا .وقيل: يجزى مقابل الكف عنها حسنة .وفي ذلك روى الإمام أحمد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى:"إن ربكم عز وجل رحيم ،من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة ،ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له واحدة أو يمحوها الله عز وجل ولا يهلك إلا هالك ".
وروى الإمام أبو يعلى بإسناده عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من هم بحسنة كتب الله له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا ،ومن هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها فإن عملها كتبت عليه سيئة فإن تركها كتبت له حسنة يقول الله تعالى: إنما تركها من مخافتي "{[1329]} .