بعد أن بين الله في هذه السورة العظيمة أصول الإيمان ،وأقام عليها البراهين ،وفنّد ما يورده الكفار من الشبهات ،ثم ذكر في الوصايا العشر أصول الفضائل والآداب التي يأمر بها الإسلام وما يقابلها من الرذائل والفواحش ،انتقل هنا ليبيّن الجزاء العام على الحسنات: كيف يزيد الله لمن يعملها أضعافا ،فيما يجزي من يعمل السيئة سيئة مثلها فقط وهذا فضل عظيم من رب رحيم .
من عملَ صالحاً يضاعَف له عند ثوابه إلى عشرة أمثاله فضلاً وكرما .وقد جاء في بعض الآيات{مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} .ووعد في بعضها بالمضاعفة إلى سبعمائة ضعف كما في قوله تعالى:{مَّثَلُ الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ والله يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ والله وَاسِعٌ عَلِيمٌ} والعشرة تُعطى لمن أتى بالحسنَة ،أما المضاعفة فوق ذلك فتختلف بحسب ما يكون البذْلُ والعطاء والمنفعلة والمصلحة .
أما من عملَ سيئا فإنه سوف يعاقب بمقدار عصيانه فقط ،ذلك عدلٌ من الله ،وليس هناك ظلمٌ بنقصِ ثواب ،ولا زيادة عقاب .
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى كتَبَ الحسنات والسيئات ،فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنةً كاملة ،فإن هو همَّ بها فعملها كتبها الله عنده عشرَ حسناتٍ إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة .ومن همّ بسيئةٍ فلم يعملْها كتبها الله حسنة كاملة ،فإن هو همَّ بها فعملَها كتبها الله سيئةً واحدة » .
قراءات:
قرأ يعقوب «عشرةٌ أمثالها » برفع عشرة منونة ،وأمثالها أيضا مرفوعة ،الباقون «عشر أمثالها » .