قوله:{هو الذي بعث في الأميّين رسولا منهم} الله الرحيم المنّان ،قد منّ بفضله على الأميين وهم العرب ،إذ بعث فيهم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم هاديا ونذيرا ،ليستنقذهم من وهدة الضلال والباطل إلى ذرا العلم والهداية والنور .والمراد بالأميين: الذين لا يقرأون ولا يكتبون .ومفرده الأمّي .وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أميّا من الأميين .وهذا دليل قائم أبلج على صدق نبوته وأنه رسول من ربه إلى العالمين .
قوله:{يتلوا عليهم آياته} الجملة الفعلية في موضع نصب نعت لرسول{[4533]} فهو صلى الله عليه وسلم يتلو على الناس آيات الله وهو القرآن .هذا الكتاب الكريم الفذّ الذي ليس له في عجيب النّظم نظير .والذي لا يعارضه أو يضاهيه في الكلام أيما كلام .إنه الكلام الرباني المعجز في نظمه وأسلوبه وفيما تضمنه من جليل المعاني والأفكار والأخبار ،مع أن النبي صلى الله عليه وسلم موصوف بأنه أمّي .فما كان قارئا ولا كاتبا ولا أخذ عن أحد من الناس أيّما درس في العلم .لا جرم أن هذه حقيقة كبرى تشهد بصدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وأن القرآن كلام الله المعجز .
قوله:{ويزكيهم} أي يطهر الناس من أدناس الشرك ومن أوضار الجاهلية على اختلاف مفاسدها وآثامها{ويعلمهم الكتاب والحكمة} أي يعلمهم القرآن ،والحكمة ،وهي السنة المطهرة أو الفقه في الدين{وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} يعني وإن كانوا من قبل أن يبعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تائهين في الجهالة ،مائلين عن الحق والصواب ،متلبّسين بالشرك والباطل .