يقول تعالى ذكره:الله الذي بعث في الأميين رسولا منهم، فقوله هو كناية من اسم الله، والأميون:هم العرب. وقد بيَّنا فيما مضى المعنى الذي من أجله قيل للأميّ أميّ.
وبنحو الذي قلنا في الأميين في هذا الموضع قال أهل التأويل.
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا أَبو عاصم، قال:ثنا سفيان، عن ليث ، عن مجاهد، قال:( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ ) قال:العرب.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:سمعت سفيان الثوريّ يحدّث لا أعلمه إلا عن مجاهد أنه قال:( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ):العرب.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ ) قال كان هذا الحيّ من العرب أمة أمِّيَّة، ليس فيها كتاب يقرءونه، فبعث الله نبيه محمدًا رحمة وهُدى يهديهم به.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور ، عن معمر، عن قتادة ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ ) قال:كانت هذه الأمة أمِّيَّة لا يقرءون كتابًا.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله:( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ ) قال:إنما سميت أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الأميين ، لأنه لم ينـزل عليهم كتابًا؛ وقال جلّ ثناؤه ( رَسُولا مِنْهُمْ ) يعني من الأميين وإنما قال منهم، لأن محمدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان أمِّيًّا، وظهر من العرب.
وقوله:( يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ) يقول جلّ ثناؤه:يقرأ على هؤلاء الأميين آيات الله التي أنـزلها عليه ( وَيُزَكِّيهِمْ ) يقول:ويطهرهم من دنس الكفر.
وقوله:( وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ ) يقول:ويعلمهم كتاب الله، وما فيه من أمر الله ونهيه، وشرائع دينه ( وَالْحِكْمَةَ ) يعني بالحكمة:السنن.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد ، قال:ثنا سعيد، عن قتادة ( وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) أي السنة.
حدثنا يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، قال:( وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) أيضًا كما علم هؤلاء يزكيهم بالكتاب والأعمال الصالحة، ويعلمهم الكتاب والحكمة كما صنع بالأوّلين، وقرأ قول الله عزّ وجلّ:وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍممن بقي من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة، قال:وقد جعل الله فيهم سابقين، وقرأ قول الله عز وجلّ:وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَوقال:ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَفثلة من الأوّلين سابقون، وقليل السابقون من الآخرين، وقرأ:وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِحتى بلغثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَأيضا، قال:والسابقون من الأوّلين أكثر، وهم من الآخرين قليل، وقرأوَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِالآية، قال:هؤلاء من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة.
وقوله:( وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) يقول تعالى ذكره:وقد كان هؤلاء الأميون من قبل أن يبعث الله فيهم رسولا منهم في جَوْر عن قصد السبيل، وأخذ على غير هدى مُبِينٌ ، يقول:يبين لمن تأمله أنه ضلال وجَوْر عن الحقّ وطريق الرشد.