قوله:{قل ياأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} الذين هادوا أي تهودوا وهم اليهود .فقد كانوا يفاخرون الناس بأنهم أولياء الله وأحباؤه .وذلك ضرب من الاغترار الموهوم والتباهي المضلل .فما ينبغي لأحد ذي عقل وإيمان سليمين أن يزعم أنه وليّ الله أو حبيبه .
وإنما ينبغي للمؤمن ذي العقيدة الصادقة الراسخة والعقل السليم أن يكون في غاية التواضع والتذليل لله ،والخوف من جلاله وهول بطشه وانتقامه .أما أن يزعم أنه ولي لله ،وقريب من جنابه فذلكم القول المصطنع الذي لا يهرف به غير واهم مأفون .ولئن زعم اليهود ذلك فقد تحداهم ربهم بقوله:{فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} يعني فتمنوا على الله أن يميتكم لتفضوا إلى دار الكرامة وهي الجنة التي أعدها الله لأوليائه المؤمنين ،إن كنتم تصدقون فيما تزعمون بأنكم أحباء الله من دون الناس .