قوله تعالى:{قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُواْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} .
قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه: الخطاب للنبي ،{والذين هادوا} هم اليهود .
ومعنى هادوا: أي رجعوا بالتوبة إلى الله من عبادة العجل .
ومنه قوله تعالى:{إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ} [ الأعراف: 156] ،وكان رجوعهم عن عبادة العجل بالتوبة النصوح: حيث سلموا أنفسهم للقتل توبة وإنابة إلى الله كما بينه بقوله:{فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ{إلى قوله} فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [ البقرة: 54] .
وقوله:{إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} .
قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في:{إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ} أي إن كنتم صادقين في زعمكم أنكم أولياء لله ،وأبناء الله وأحباؤه دون غيركم من الناس ،فتمنوا الموت لأن ولي الله حقاً يتمنى لقاءه ،والإسراع إلى ما أعد له من النعيم المقيم ا ه .
وفي قوله رحمة الله تعالى علينا وعليه .إشارة إلى بيان زعمهم المجمل في الآية وهو ما بينه تعالى بقوله عنهم وعن النصارى معهم:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [ المائدة: 18] .
وقد ردّ زعمهم عليهم بقوله تعالى:{قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} [ المائدة: 18] .
ومثل هذه الآية إن زعمتم قوله تعالى:{قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [ البقرة: 94] .
وقال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه: وقيل المراد بالتمني المباهلة ،والمراد من الآية إظهار كذب اليهود في دعواهم أنهم أولياء الله .
وقوله:{إِن زَعمْتُمْ} مع قوله:{إِن كُنتُمْ} شرطان يترتب الأخذ منهما على الأول أي فتمنوا الموت ،إن زعمتم ،إن صدقتم في زعمكم ،ونظيره من كلام العرب قول الشاعر:
إن تستغيثوا إن تذعروا تجدوا *** منا معاقل عز زانها كرم