قوله:{لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين} وذلك أن يقطع من أحدهم يده اليمنى ورجله اليسرى .أو يقطع يده اليسرى ورجله اليمنى فيخالف بين العضوين في القطع .فمخالفته هذه في القطع ،وهو القطع من خلاف .ثم يعلقهم مصلوبين على جذوع النخل صلبا مبالغا في التنكيل والنكاية .وقد قيل: أول من سن القطع من خلاف وكذا الصلب لهو فرعون .وهو قول ابن عباس .
فيا لله لهؤلاء المؤمنين المخبتين الأوفياء الذين صدقوا مع الله حق الصدق وصبروا على فظاعة الطاغوت العتل واحتملوا من بالغ تنكيله ونكاية عذابه ما يجعل منهم النبراس{[1498]} المحتذي على مر الزمن في اشتداد العزيمة والتجلد والاستعلاء على هوان الدنيا وما تحفل بم من المآسي وألوان المرارة ،ليكون ذلك درسا كبيرا للمؤمنين الذين يدعون للإسلام في كل زمان بما يثير فيهم علو الهمة ورباطة الجأش والقدرة على احتمال الشدائد التي يكيلها لهم الظالمون والمتجبرون والمجرمون من شياطين الأرض .