أصدر الحكم بخياله وهواه ، لا بعقله والبرهان وهو أغلظ عقاب:
{ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ( 124 )} .
أقسم الطاغي بما يقسم به عنده أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، أي يقطع من جانب يدا ، ويقطع من الجانب الآخر رجلا ، وأقسم أيضا ليصلبنهم أجمعين ، ولا يستثني أحدا منهم ، وقد صرح في آية أخرى بأنه يصلبهم في جذوع النخل .
وهكذا يبتكر الطغيان هذا العقاب الشديد ، روى الحسن البصري عن ابن عباس – رضي الله عنهما:إن فرعون أول من عاقب بقطع اليد والأرجل من خلاف والصلب . وقد كنا نقرأ ذلك ونعجب من أن يكون هذا من فرعون ، ويرضى به الشعب المصري ، ولكن رأينا ما يقرب منه ؛ من طاغية يحاكيه في غير عصره ، ورأينا من الشعب المصري من يهلل ويكبر ، ويعاون ! !
هذا ما هدد به فرعون ونفذ واختص السحرة بذلك ؛ لأنهم أول من تمرد عليه من الشعب ، وخشى أن يسري التمرد فشدد العقاب ، وترك موسى وأخاه مؤقتا ؛ لأنهما لم يكونا من المصريين ، بل كانا من بني إسرائيل ، ومع ذلك سينتبه إليهم .