قوله تعالى:{قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين 13 قال أنظرني إلى يوم يبعثون 14 قال إنك من المنظرين} .
الفاء في قوله:{فاهبط} لترتيب الأمر بالهبوط على ما حصل منه عصيان ومخالفة لأمر الله .والهبوط معناه النزول والانحدار{[1347]} والضمير في قوله:{منها} يراد به الجنة ؛فقد طرد الله منها إبليس لينحدر إلى الأرض صاغرا ذليلا ،فإن الجنة بنعيمها الدائم ورخائها الناعم الرخي الكريم لا يستحقه العصاة المستكبرون ،فكيف إن كان العاصي إبليس .هذا المخلوق المنكود الظلوم الذي عتا عتوا يدنو دونه العتاة والظالمون جميعا ؟!
وقيل: يراد بالضمير السماء ؛أي أمره الله بالنزول من السماء لينحدر منها خاسئا طريدا إلى الأرض ؛فإن المكث في السماء لا يليق بغير الملائكة الأطهار الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون .لكن واحدا لئيما خسيسا كإبليس ما بقي له في الميزان الحق والعدل شيء من كرامة أو اعتبار أو رحمة ،إلا اللعن والإبعاد إلى الأرض ليضل فيها فتاتا غرورا شريرا حتى يجد جزاءه الفظيع يوم القيامة .وهذا مقتضى قوله:{فاخرج إنك من الصاغرين} وهو تأكيد للأمر بالهبوط ؛فقد أمره الله بالخروج منحدرا إلى الأرض تغشاه مذلة الصغار والتوبيخ والهوان لتفريطه ونكوله عن أمر الله .