قوله تعالى:{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون} الأسماء الحسنى يراد بها أحسن الأسماء ؛لأنها تدل على معان حسنة من تمجيد وتقديس وثناء ؛فهي الحسنة في الأسماع والقلوب ؛لأن مدلولاتها جامعة لكل معاني الخير والبركة والرحمة والإفضال والتوحيد .
وأسماء الله الحسنى تسعة وتسعون اسما ؛فقد أخرج في الصحيحين عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن لله تعسا وتسعين اسما ،مائة إلا واحد ،من أحصاها دخل الجنة ،وهو وتر يحب الوتر ) وأخرجه الترمذي بسنده وزاد بعد قوله ( يحب الوتر ): ( هو الله لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد المحصي المبدئ المعيد المحيي المميت الحي القيوم الواجد الماجد الواحد الأحد الفرد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن الوالي المتعالي البر التواب المنتقم العفو الرءوف مالك الملك ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع الغني المغني المانع الضار النافع النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور ) .
على أن الأسماء الحسنى غير منحصرة في تعسة وتسعين .بدليل ما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ،ماض في حكمك ،عدل في قضاؤك ،أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ،أو أنزلته في كتابك ،أو علمته أحدا من خلقك ،أو استأثرت به في علم الغيب عندك ،أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ،ونور صدري ،وجلاء حزني ،وذهاب همي ؛إلا أذهب الله حزنه وهمه ،و أبدل مكانه فرحا ) .
وذكر الفقيه المالكي أبو بكر بن العربي في كتابه الأحوذي في شرح الترمذي أن بعضهم جمع من الكتاب والسنة من أسماء الله ألف اسم .
وجاء في صحيح مسلم ( الطيب ) وخرج الترمذي ( النظيف ) وروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: ( رب أعني ولا تعن علي ،وانصرني ولا تنصر علي ،وامكر لي ولا تمكر علي ) وعلى هذا جائز أن يقال: يا خير الماكرين امكر لي ولا تمكر علي ،والله تعالى أعلم .
قوله:{فادعوا بها} أي سموه بتلك الأسماء . أو أطلبوا منه بأسمائه فيطلب بكل اسم ما يليق به فتقول: يا رحيم ارحمنا .ويا حكيم احكم لنا: ويا رازق ارزقنا .ويا هادي اهدنا .ويا فتاح افتح لنا .ويا تواب تب علينا وهكذا .
قوله:{وذروا الذين يلحدون في أسمائه} يلحدون من الإيحاد .والأصل فيه العدول عن القصد والميل فيه والجور والانحرف .لحد في دين الله ؛أي عدل عنه وحاد{[1586]} والمعنى المقصود هنا: اتركوا تسمية الذين يميلون عن الحق والصواب في أسماء الله فيسمونه بغير الأسماء الحسنى كأن يشتقوا اللات من الله ،والعزى من العزيز ،ومناة من المنان .أو كما يسميه بعض الجهلة ؛إذ يقولون: يا أبا المكارم .يا أبيض الوجه .يا سخي{[1587]} .