قوله تعالى:{وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} أي من الخلق الذين خلقنا ،أمة مهتدية قائمة بالحق ؛إذ تقوله وتدعو إليه{وبه يعدلون} أي يعلمون ويقضون .وقد جاء في الآثار أن المراد بهذه الأمة هنا هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم .فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قرأ هذه الآية: ( هذه لكم وقد أعطي القوم بين أيديكم مثلها} يعني بهذا قوله تعالى:{ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} وفي الخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم متى نزل ) وفي الصحيحين عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة ) وفي رواية: ( حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ) وفي رواية ( وهم بالشام ) .
وقيل: المراد بذلك العلماء الذين يدعون إلى دين الله والأخذ بشريعته ومنهجه في كل زمان أو مكان .فيستدل من ذلك على هذا المعنى ،أن الذين لا تخلو في زمن من الأزمان من دعاة يدعون إلى الحق{[1588]} .