وقد ذكر الله تعالى الضالين ممن ذرأ من الجن والإنس ، وأنهم كثيرون ، وليسوا قليلا ذكر المهتدين ، فقال تعالى:
{ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ( 181 )} .
ليس الناس جميعا أشرارا ، بل إنه من رحمة الله تعالى بعباده أن كان الوجود لا يخلوا من الأخيار الذين يقاومون أهل الشر ، ويدفعون شرهم{. . . . . . . . . . . . ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين ( 251 )} ( البقرة ) .
وقد ذكر الله تعالى في هذه الآية أخيار الناس فقال تعالى:{ وممن خلقنا أمة يهدون بالحق} ، أي من الذين خلقناهم من الجن والإنس من ذريتهم أمة طائفة مجتمعة على الهدى والخير يؤم كل واحد منها الجماعة ، ويعينها ويقصدها بخير ،{ يهدون بالحق} أي اهتدوا ، ويهدون غيرهم بالحق ، أي هداية مصحوبة بالحق ،{ وبه يعدلون} أي بالحق وحده يعدلون في كل أمورهم ، ففي حياتهم عدل بالحق ، وفي شئونهم العامة والخاصة عدل بالحق ، وفي كل ما يباشرون من أعمال يبتغون الحق ولا يريدون سواه ، فحياتهم كلها عدل وحق . وفي تقديم الجار والمجرور في قوله تعالى:{ وبه يعدلون} قصر ؛ أي لا يعدلون بغيره ، بل يزنون به الأعمال والأشياء والصلات كلها ، فهو ميزان الوجود الإنساني ، وبه قامت الإنسانية الفاضلة .