{وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون( 181 ) والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون( 182 ) وأملي لهم أن كيدي متين( 183 )}:
التفسير:
{181 - وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ....}
مناسبة الآية:
أخبر الله تعالى في الآية السابقة أنه خلق لجهنم كثيرا من الجن والإنس ؛لأنهم أهملوا طاقات المعرفة لديهم من العقل والحواس .
ثم ذكر هنا انقسام من وصلتهم الدعوة المحمدية إلى فريقين: فريق المهتدين الذين يقضون بالحق والعدل ،وفريق المكذبين الضالين .
معنى الآية:
من بعض الأمم التي خلقها الله جماعة تمسكوا بالحق وعملوا به ،ودعوا الناس إلى اتباعه والتزام طريقه ،فكانوا كاملين في أنفسهم مكملين لغيرهم .
{وبه يعدلون} .
أي: يقضون بالعدل دون ميل أو جور ،وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ،بدليل ما ورد في الأحاديث الصحيحة ،في تأييد ذلك ،منها ما رواه الشيخان في الصحيحين عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ،لا يضرهم من خذلهم ،ولا من خالفهم ،حتى يأتي أمر الله ،وهم على ذلك "68 .
من زاد في علم التفسير لابن الجوزى:
{وممن خلقنا أمة يهدون بالحق} .أي: يعملون به{وبه يعدلون} .أي: وبالعمل به يعدلون ،وفيمن أريد بهذه الآية أربعة أقوال:
أحدها: أنهم المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان من هذه الأمة ،قاله ابن عباس ،وكان ابن جريج يقول: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"هذه أمتي بالحق يأخذون ويعطون ويقضون "69 .
وقال قتادة: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تلا هذه الآية قال:"هذه لكم وقد أعطى القوم مثلها "70 .
ثم يقرأ:{ومن قوم موسى أمة يهدرون بالحق وبه يعدلون} . ( الأعراف/ 159 ) .
والثاني: أنهم من جميع الخلق ،قاله ابن السائب .
والثالث: أنهم الأنبياء .
والرابع: أنهم العلماء ،ذكر القولين الماوردى .