{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون( 180 )}:
التفسير:
{180 - ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه ...}
أي: ولله دون غيره ،جميع الأسماء الدالة على أحسن المعاني ،وأكمل الصفات ،فاذكروه ونادوه بها ؛إما للثناء عليه ،نحو الله لا إله إلا هو الحي القيوم ،وإما لدى السؤال وطلب الحاجات مثل:"يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ،أصلح لي شأني كله ،ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين "63 .
وذكر الله تعالى دواء للنفوس ،وشفاء لقسوة القلوب ،قال تعالى:{ألا بذكر الله تطمئن القلوب} . ( الرعد: 28 ) .
وروى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من نزل به غم أو كرب أو أمر مهم فليقل: لا إله إلا الله العظيم الحليم ،لا إله إلا الله رب العرش العظيم ،لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش الكريم ".
مختصر من تفسير الشوكاني
{ولله الأسماء الحسنى} ،أي: لله أحسن الأسماء لدلالتها على أحسن مسمى وأشرف مدلول من الرحمة والقدرة والعلم والحكمة والخبرة والعزة وغيرها .
{فادعوه بها} .قائلين: يا رحمان يا حليم يا عليم ،فإنه إذا دعى بأحسن أسمائه ؛كان ذلك من أسباب الإجابة .
{وذروا الذين يلحدون في أسمائه} .أي: يحرفون لفظها أو معناها والإلحاد في أسمائه يكون على ثلاثة أوجه: إما بالتغيير كما فعله المشركون فإنهم أخذوا اسم اللات من الله ،والعزى من العزيز ،ومناة من المنان ،أو بالزيادة عليها بأن يخترعوا أسماء من عندهم لم يأذن الله بها ،أو بالنقصان منها بأن ينكروا بعضها .
قيل: نزلت في رجل من المسلمين ،كان يقول في صلاته: يا رحمان يا رحيم ،فقال رجل من المشركين أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا فما بال هذا يدعو ربين اثنين ؟!
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن لله تسعة وتسعين اسما: مائة إلا واحدا ،من أحصاها ؛دخل الجنة إنه وتر يحب الوتر "64 اه .رواه الشيخان .
قال الآلوسي في تفسير الآية:
والذي أراه أنه لا حصر لأسمائه – عزت أسماؤه – في التسعة والتسعين ،ويدل على ذلك ما أخرجه البيهقي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أصابه هم أو حزن فليقل: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ،ناصيتي بيدك ماض فيّ حكمك ،عدل في قضاؤك ،أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ،أنزلته في كتابك ،أو علمته أحدا من خلقك ،أو استأثرت به في علم الغيب عندك ،أن تجعل القرآن ربيع قلبي ،ونور صدري ،وذهاب همي وجلاء حزني ..."65 ،فهذا الحديث صريح في عدم الحصر .
وحكى النووي اتفاق العلماء على ذلك ،وأن المقصود من الحديث: الإخبار بأن هذه التسعة والتسعين ،من أحصاها ؛دخل الجنة ،وهو لا يتنافى أن له تعالى أسماء غيرها66 .
وخلاصة المعنى:
لله أحسن الأسماء ،الدالة على أحسن المعاني ،فادعوه بها ،واتركوا الذين يسمونه بأسماء لا تناسب العظمة الإلهية ،اتركوا هؤلاء فأنهم سيلقون جزاء عملهم من الله رب العالمين .
من كتاب التفسير المنير للدكتور وهبة الزحيلي:
أسماء الله توقيفية ،فلا يسمى باسم لم يرد في القرآن والسنة ،كالرفيق والسخي والعاقل ....
وأسماء الله تعالى يجوز إطلاقها كلها على غير الله تعالى ،ما عدا اسمى الله والرحمان .
وهذه الأسماء ومنها ما يمكن ذكره وحده ،مثل يا الله ،يا رحمان ،يا حكيم ،ومنها ما لا يجوز إفراده بالذكر ،بل يجب أن يقال: يا محيي يا مميت ،يا ضار يا نافع .
وقد أورد ابن العربي مائة وستة وأربعين اسما من أسماء الله تعالى للتضرع والابتهال ،وذكر في موضع آخر زيادة ثلاثين اسما67 فصار المجموع: مائة وستة وسبعين ،مثل: الطيب ،والمعلم ،والجميل وهو الذي لا يشبهه شيء .
وجاء في تفسير المنار: إحصاء بما ورد في القرآن الكريم من أسماء الله الحسنى ،واستغرق تفسير هذه الآية خمس عشرة صفحة فيها نقول مفيدة لمن أراد الرجوع إليها .