قوله:{قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين} الملأ يعني الجماعة وهم أشراف القوم وسراتهم وجمعه أملاء{[1443]} .لما دعا نوح قومه إلى دين الله ،دين التوحيد والاستقامة أجابه أشراف القوم وهم رؤوس الكفر والضلال وقادة الفساد والشرك الذين مردوا على الوثنية والباطل ،والذين أشربت نفوسهم حب الأصنام وكراهية الحق –أجابه هؤلاء المسرفون في الضلالة والعدوان:{إنا لنراك في ضلال مبين} وأصل الضلال ،الضياع والغياب والهلاك{[1444]} ،والمراد به العدوان عن سبيل الله وهو منهجه الحكيم ،أو دينه المعتدل القديم .لكن المقصود بالضلال في تصور هؤلاء الظالمين من قوم نوح هو العدول عن ملتهم السخيفة وعبادتهم الفاسدة المفتراة ،وعن أصنامهم المختلفة الجوامد .هكذا يفتري الضالون المشركون على نبيهم الكريم العظيم بالكذب والباطل .وذلك هو ديدن الكبراء والساسة والأشراف من قادة الضلال والإجرام في كل زمان ؛إذ يفترون على الداعين إلى الله وتطبيق شريعته ومنهجه فيتهمونهم بمختلف الأكاذيب والترهات .