/م59
ولكن قوم نوح بدل أن يستقبلوا دعوة هذا النّبي العظيم الإصلاحية ،المقرونة بقصد الخير والنفع لهم ،فينضوون تحت راية التوحيد ويكفون عن الظلم والفساد ،قال جماعة من الأعيان والأثرياء الذين كانوا يحسون بالخطر على مصالحهم بسبب يقظة الناس وانتباههم ،ويرون الدين مانعاً من عبثهم ومجونهم وشهواتهم ،قالوا لنوح بكل صراحة وقحة: نحن نراك في ضلال واضح ( قال الملأ من قومه إنّا لنراك في ضلال مبين ) .
و«الملأ » تطلق عادة على الجماعة التي تختار عقيدة وفكرة واحدة ،ويملأ اجتماعها وجلالها الظاهري عيون الناظرين ،لأن مادة «الملأ » أصلا من «الملء » ،وقد استعملها القرآن على الأغلب في الجماعات الأنانية المستبدة ذات المظهر الأنيق والباطن الفاسد الملوث بالأوضاد والشرور ،والذين يملأون ساحات المجتمع المختلفة بوجودهم .