قوله تعالى:{وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور} الضميران الكاف والهاء مفعولان .والمعنى:{وإذ يبصركم الله إياهم{قليلا} أي قللهم في أعينكم تصديقا لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولتزدادوا يقينا فتحملوا عليهم بجراءة وجد .قال ابن مسعود ( رضي الله عنه ): لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جنبي: أتراهم سبعين ؟قال: أراهم مائة .فأسرنا رجلا منهم .فقلنا له: كم كنتم ؟قال ؟ألفا .
وكذلك قلل الله المسلمين في أعين الكافرين .وهو قوله:{ويقللكم في أعينهم} حتى قال قائل من المشركين عن المسلمين: إنما هم أكلة جزور .
على أن الغرض من تقليل الكافرين في أعين المسلمين ظاهر .أما الغرض من تقليل المسلمين في أعين الكافرين: فوجهه أن الله قللهم في أعين الكافرين قبل اللقاء ؛كيلا يبالوا بهم فيجترؤوا عليهم .ثم كثرهم الله بعد ذلك لتفجأ كثرتهم المشركين فيبهتوا ويهابوا فتميد شوكتهم ويفل جمعهم فيولوا الأدبار بعد ما رأوا ما لم يكن في حسبانهم .
قوله:{ليقضي الله أمر كان مفعولا} تكررت هذه الآية ؛فقد ذكرت في الآية المتقدمة .والمقصود من ذكرنا هنا البيان من الله أنه قلل عدد المؤمنين في أعين المشركين ليصير ذلك سببا في أن لا يبالغ المشركين في تحصيل الاستعداد والحذر .وذلك سيفضي إلى هزيمتهم وإعزاز الإسلام والمسلمين .
قوله:{وإلى الله ترجع الأمور} مصير الأمور كلها إلى الله يوم القيامة .وحينئذ يجازي الله العباد بما علموا من إحسان وإساءة{[1670]} .