قوله تعالى:{إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور}{وإذ} في موضع نصب بفعل مقدر ،وتقديره: واذكر إذ يريكم الله{[1668]} والمخاطب هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .فقد تظاهرت الروايات أنها رؤيا منام . فقد روي الرسول صلى الله عليه وسلم فيها الكفار قليلا فأخبر بها أصحابه فاشتد أزرهم{[1669]} ،وقويت عزائمهم ،وازدادت في نفوسهم الشجاعة والاستبسال واليقين .وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه عقب النتباهه من المنام: ( أبشروا لقد نظرت إلى مصارع القوم ) .والمراد بالقلة في الآية: ضعف القوم واستيئاسهم وأنهم مهزومون مصروعون فتكون الغلبة للمؤمنين قوله:{ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر} أي لو أراكم المشركين كثيرا لخارت عزائمكم ،وانهارت قواكم ،وأخذكم اليأس والخور ،{ولتنازعتم} أي اختلفتم .والتنازع في الأمر معناه الاختلاف الذي يحول به كل واحد نزع صاحبه عما هو عليه .والمقصود: أنه لاضطراب أمركم واختلفت كلمتكم{ولاكن الله سلم} أي سلمكم من الفشل ومن المخالفة فيما بينكم .وقيل: سلمكم من الهزيمة .
قوله:{إنه عليم بذات الصدور} أي يعلم ما تخفيه صدوركم من الجراءة والخور ،أو الصبر والجزع .