قوله:{فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا} أباح بذلك أكل الغنائم المأخوذة من المشركين في الحرب .وقد تكلمنا سابقا عن حكمة الإسلام في أخذ الأموال من المشركين في الحرب ،وأن الغرض من ذلك إضعاف الأشرار المفسدين في الأرض ،وكسر شوكة الظلم والظالمين ،الذين يسعون في الأرض خرابا وفسادا ؛فهم إنما يستطيعون الإفساد والتخريب بما لديهم من أسباب ،يأتي في أهمها وفي طليعتها المال ،الذي يستطيع به الظالمون الغاشمون من تقوية أنفسهم ليجترءوا على محاربة الله ورسوله والمؤمنين ،وعلى القدرة على صد الإسلام بمختلف الوسائل في التشويه والتشكيك .فيما ينبغي لهؤلاء الضالين المفسدين في الأرض أن يؤتمنوا على الأموال ؛لأنهم ضالعون في البغي والشر ؛فهم غير موثوق بهم .إنما الذين يوثق بهم ويؤتمنون على الأموال وغيرها من الأمانات على اختلافهم ،هم المسلمون الصادقون وحدهم ؛فهم أجدر أن يمسكوا بالمال ليجعلوه في وجوه الخير والبر والصلاح .
قوله:{واتقوا الله إن الله غفور رحيم} أي خافوه باجتناب نواهيه والانزجار عما حذر منه وحرمه عليكم .وفي كل الأحوال فإن الله بعباده لذو مغفرة للناس على تقصيرهم ؛إذ يمحو عنهم الخطايا والذنوب ويستر عليهم الزلات والعيوب .وهو سبحانه{رحيم} الرحيم: الكثير الرحمة{[1697]} ،لا جرم أن الله بالغ الرحمة بالخلق ،عظيم الصفح عما يجترحونه في ك الآناء من الخطايا والسيئات .وهو سبحانه بفضله وسعة امتنانه يتجاوز عن مساءات المسيئين ،وعن زلات أهل الزلل{[1698]} .