قوله:{لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم} أي لا يزال ما صنعوه من نفاق وباطل مبعث ريبة لهم فتظل تراودهم بغير مباحة .والريبة تعم جملة معان ليصيب كل منافق منها بحسب نفاقه من حيث نوعه ومستواه وقدره .ومن معاني الريبة: كل من الشك والاضطراب والحزازة والحسرة والقلق والخوف من سوء المصير ،وذلك على طريقة القرآن في ألفاظه الكبيرة ؛إذ تتزاحم فيها المعاني تزاحما ليضم الواحد منها جملة معان .لا جرم أن ذلك وجه من وجوه الإعجاز في هذا الكتاب الحكيم .
قوله:{ألا تقطع قلوبهم} أي لا يزال ما صنعوه من النفاق وابتغاء الشر بالمسلمين مبعث ريبة لهم في كل الأوقات والأحوال ،فلا تبرحهم ما داموا أحياء{إلا أن تقطع قلوبهم} وذلك أن يموتوا ؛إذ تتفرق أبدانهم وجسومهم ،وقيل: إلا أن يغالوا في الندامة فتتفتت قلوبهم كناية أو مجاز عن شدة الأسف والحسرة .
قوله:{والله عليم حكيم} عليم بما صنعه هؤلاء المنافقون المفسدون وما قصدوه من المكر والأذية للمسلمين .وهو سبحانه حكيم ،فيما أعده لهم من الجزاء في هذه الدنيا حيث الشك والقلق واضطراب النفس والخوف .وكذلك في الآخرة حيث النار{[1906]} .