{لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم ( 110 )}
المفردات:
ريبة: شكا ونفاقا .
إلا أن تقطع قلوبهم: أي: لا يزال المسجد الذي بنوه شاهدا على تمكن الريبة في قلوبهم من جهة الإسلام ،حتى كأنه نفس الريبة والشك .
التفسير:
110{لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم…} الآية .
إن مسجدهم قد بني بدون إخلاص ولا نية سليمة ؛لذلك فهو بنيان شاهد على تمكن الريبة في قلبهم من جهة الإسلام ،حتى كأنه نفس الريبة ؛لأنه يجسد آثار النفاق والكفر ،فقد أورثهم نفاقا في قلوبهم ،وازدادوا بهدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لمسجدهم ،وإبطاله لكيدهم ؛تصميما على الكفر ومقتا للإسلام .
{إلا أن تقطع قلوبهم} .إما بالموت أو بالسيف .
{والله عليم حكيم} .فهو سبحانه عليم بكل شيء في هذا الكون ،وبكل ما يفعله هؤلاء المنافقون سرا وجهرا .
{حكيم} .أي: عظيم الحكمة في تصرفاته وأفعاله .
ويؤخذ من الآيات ما يأتي:
1وجوب بناء المساجد على تقوى من الله ورضوان .
2قال المالكية: كل مسجد بني على ضرار أو رياء وسمعة ؛فهو في حكم مسجد الضرار ،لا تجوز الصلاة فيه ،ولا يجوز أن يبنى مسجد إلى جنب مسجد لئلا ينصرف أهل المسجد الأول فيبقى شاغرا .
3دل قوله تعالى:{وتفريقا بين المؤمنين} .على أن المقصد الأسمى من وجود الجماعة تأليف القلوب ،واتحادهم على الطاعة ؛حتى يأنسوا بالمخالطة ،وتصفوا القلوب من الأحقاد .
4كان مسجد الضرار سببا لريبة المنافقين ،فإنهم لما بنوه عظم فرحهم به ،ولما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتخريبه ؛ثقل ذلك عليهم ،وازداد بغضهم له ،وزاد ارتيابهم في نبوته ،وظل ذلك الريب في قلوبهم حتى الموت .
5قال الإمام ابن كثير: صرح جماعة من السلف: بأن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد قباء ،وقد ورد في الحديث الصحيح: ( أن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي في جوف المدينة ؛هو المسجد الذي أسس على التقوى ) .وهذا صحيح - ولا منافاة بين الآية وبين هذا ؛لأنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم ،فمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى والأخرى .