قوله تعالى:{كيف يكون للمشركين عهد عند الله ورسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين}{كيف} استفهام إنكاري متضمن للتعجيب .كما نقول: كيف تستحي من الحق ؟!أي ما كان ينبغي لك أن تستحي من الحق .والله جل وعلا يبين في هذه الآية حكمته في البراءة من المشركين وإنظاره إياهم أربعة أشهر ثم يرقون بعد ذلك القتال حيثما ثقفوا .وذلك في قوله:{كيف يكون للمشركين عهد} يعني أنى يكون للمشركين بالله عهد أو ذمة عند الله وعند رسوله فيوفي لهم ويتركوا بسببه آمنين يتصرفون في بلاد المسلمين طلقاء كيف شاءوا ؟فما ينبغي أن يكون لهؤلاء المتربصين الخائنين عهد أو ذمة .بل الواجب النبذ إليهم على سواء لقتالهم وكسر شوكتهم إذهابا للظلم والباطل عن وجه الأرض .
ثم استدرك بقوله:{إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام} أي لكن الذين عاهدتموهم عند المسجد الحرام ولم تظهر منهم بادرة من بوادر النكث والخيانة{فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} أي فما استقاموا على الوفاء بالعهد فأقيموا لهم علة مثل ذلك{إن الله يحب المتقين} أي بحب الأتقياء والأوفياء الذين يوفون بعدوهم مجانبين للغدر والخيانة{[1730]} .