قوله تعالى:{والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} بعد الحديث عن حال المنافقين في سوء خوضهم وكذبهم وفاحش أعمالهم ،يذكر الله في هذه الآية حال المؤمنين المتوادين المتآلفين مبينا بعض صفاتهم وهو أن بضعهم أعون بعض ؛فهم فيما بينهم متناصرون متآخون في عقيدة الإسلام ؛كما جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) وشبك بين أصابعه .
وفي الصحيح كذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى لع سائر الجسد بالحمى والسمر ) .
قوله:{يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله} وهذه صفة ظاهرة ومميزة للمؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؛فهم يدعون الناس إلى الخير ،ويأمرونهم بكل وجوه المعروف ،ويأتي في طليعة ذلك حضهم ودعوتهم للإيمان بالله وحده دون غيره من الشركاء والأنداد ،وما يقتضيه ذلك من جوه العبادات وأعمال الإحسان والبر .
وهم كذلك ينهون الناس جميعا عن المنكر بكل صوره وأشكاله ،ويأتي في طليعة ذلك: الإشراك بالله ،والخضوع والاستسلام الامتثال لأوامره الشبر التي تخالف منهج الله ،ثم ينهون بعد ذلك عن كل وجوه المحظور والمنكر على اختلاف أنواعه وضروبه من المعاصي والآثام .
من الصفات الظاهرة المميزة لهذه الأمة: أداؤهم الصلوات المفروضة أداء صحيحا تاما من غير تثاقل أو إغفال او تفريط ؛وذلك لما في الصلاة من بالغ الحكمة والمعنى وعظيم الرباط والصلة برب العباد ؛وهي صلة روحية وثيقة تديم الخطاب المخلص المباشر والمناجاة العقلية والقلبية والوجدانية العليا بين العبد المخلوق ،والإله الخالق .
ومن صفاتهم الظاهرة المميزة: أنهم يبذلون زكاة أموالهم طيبة بها نفوسهم إلى إخوانهم المؤمنين من المحاويج والعالة .وهم كذلك إنما يطيعون الله وحده فيما أمر ويزدجرون عما زجر ،ولا يذعنون للمعاصي والسيئات من أوامر البشر .يضاف إلى طاعتهم لله طاعتهم لرسوله المبلغ الهادي إلى سواء السبيل .
قوله:{أولئك سيرحمهم الله} هؤلاء المتصفون بهذه الصفات العظيمة المميزة ستنالهم من الله رحمة غامرة رضية ،فيمضون في الحياة آمنين كرماء في ظل منهج الله الحكيم الذي شرعه لعباده .ويوم القيامة يصيرون إلى السعادة الدائمة التي لا يأتي عليها فناء ولا نهاية .
قوله:{إن الله عزيز حكيم} الله قوي غالب على كل شيء ،لا يعز علي في الخلق ما يريد .وهو سبحانه حكيم في تدبيره وما يفعل ؛فإنه يضع الأشياء في مواضعها دون خلل في ذلك ولا نقصان{[1849]} .