المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض
وهذه هي الصورة الثانية التي تقف في الواجهة ،في مواجهة صورة المنافقين والمنافقات ،ولكنها الصورة المشرقة للمسيرة الظافرة للمجتمع الموحّد المتضامن على قاعدة الإيمان بالله ،من خلال ما يمثله من قيمٍ ومبادىء وخطٍّ للحياة .
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} إنها ولاية الإيمان التي يشعر فيها كل واحد منهم بالعلاقة الفكرية والروحية والعملية التي تربطه بالآخر ،والتي تتحول إلى علاقةٍ وجدانيةٍ حميمةٍ تتعمق في الفكر والروح والضمير والحياة ،لأنها لا تنطلق من نزوةٍ سريعةٍ أو حالةٍ طارئة ،بل من قاعدةٍ ثابتةٍ أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها .
وهكذا استطاع الإيمان في مضمونه أن يركز المجتمع المؤمن ،من النساء والرجال الذين حملوا مسؤولية العقيدة على أكتافهم ،وتحمّلوا كل نتائجها على صعيد الواقع ،بكل هدوء واطمئنانٍ ،وذلك ما يريد الله أن يثيره في أجواء المؤمنين والمؤمنات على مدى الزمن في ما يستقبلهم من أجواء وأوضاع .فقد ينبغي لهم أن يعيشوا مثل هذه الولاية القائمة على أساسٍ متينٍ من الخط المستقيم والهدف الواضح .
معالم المؤمن
{يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ} من خلال ما يمثله ذلك من خط الرسالات التي جاءت من أجل تغيير المجتمع على أساس هدى الله ،في ما يريده لعباده من أجواء الهدى ،{وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} التي هي معراج روح المؤمن إلى ربه ،ومظهر عبوديته له وإسلامه له{وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ} التي هي الوجه الحيّ لحركة العطاء في روحه ،وانطلاقة المسؤولية في وجدانه ،وتأكيد التضحية في عمله ،{وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} في ما يأمرهم به أو ينهاهم عنه ،فلا يلتزمون بطاعة غيره ،فلا طاعة إلا له ،ولا خضوع لسواه ،{أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} في ما أخذوا به من أسباب الرحمة ،من الإيمان بالله والطاعة لرسوله ،والانسجام مع شريعته{إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فلا ينتقص أحدٌ من عزته وقوّته ،ولا يصدر منه شيءٌ إلا عن حكمةٍ عميقةٍ ،تضع كل شيء في موضعه .