قوله:{فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه} الفاعل هو الله جل شأنه .{فأعقبهم نفاقا في قلوبهم} أي جعل عاقبة فعلهم من البخل والإعراض عن دين الله وطاعته نفاقا في قلوبهم{إلى يوم يلقونه} أي يلقون ربهم بالموت أو يوم القيامة .وذلك{بما أخافوا الله ما وعدوه} الباء للسببية ؛أي بسبب إخلافهم ما وعدوه من التصدق والبذل والإنفاق في وجوع البر والإصلاح بسبب كذبهم في قيلهم .وهو معنى قوله:{وبما كانوا يكذبون} .
ويستذل من ذلك أن الكذب في الحديث له أمارة من أمارات النفاق المتلبس بالقلب ،فما يكذب المرء ويكثر كذبه أو يزداد من غير وازع ولا ندامة إلا من ران على قلبه النفاق ليكون في زمرة المنافقين الخاسرين أعاذنا الله منهم .وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف ،وإذا اؤتمن خان ) .
قال الرازي في هذا الصدد: ظاهرة الآية يدل على أن نقض العهد وخلف الوعد يورث النفاق ،فيجب على المسلم أن يبالغ في الاحتراز عنه .فإذا عاهد الله في أمر فليجتهد في الوفاء به .ومذهب الحسن البصري: أنه يوجب النفاق لا محالة{[1855]} .