شرح الكلمات:
{سبل ربك ذللاً}: أي: طرق ربك مذللة ،فلا يعسر عليك السير فيها ولا تضلين عنها .
{شراب}: أي: عسل .
{فيه شفاء للناس}: أي: من الأمراض ،أن شرب بنية الشفاء ،أو بضميمته إلى عقار آخر .
المعنى:
/د67
وقوله تعالى:{ثم كلي من كل الثمرات} ،أي: ألهمها أن تأكل من كل ما تحصل عليه من الثمرات ،من الأشجار والنباتات ،أي: من أزهارها ونوارها ،وقوله لها:{فاسلكي سبل ربك ذللاً} ،بإلهام منه تسلك ما سخر لها ،وذلك من الطرق ،فتنتقل من مكان إلى آخر تطلب غذاءها ،ثم تعود إلى بيوتها لا تعجز ولا تضل ،وذلك بتذليل الله تعالى وتسخيره لها تلك الطرق ،فلا تجد فيها وعورة ولا تنساها فتخطئها .وقوله تعالى:{يخرج من بطونها} ،أي: بطون النحل ،{شراب} ،أي: عسل يشرب ،{مختلف ألوانه} ،ما بين أبيض وأسود ،أو أبيض مشرب بحمرة أو يضرب إلى صفرة .وقوله تعالى:{فيه شفاء للناس} ،أي: من الأدواء ،هذا التنكير في قوله:"شفاء "،دال على بعض دون بعض ،جائز هذا حتى يضم إليه بعض الأدوية أو العقاقير الأخرى ،أما مع النية ،أي: أن يشرب بنية الشفاء من المؤمن ،فإنه شفاء لكل داء ،وبدون ضميمة ،أي: شيء آخر له .
وفي حديث الصحيح ،وخلاصته: أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،استطلاق بطن أخيه ،أي مشي بطنه عليه ،فقال له:"اسقه عسلا "،فسقاه فعاد فقال: ما أراه زاده إلا استطلاقاً ،فعاد فقال مثل ما قال أولا ،ثلاث مرات ،وفي الرابعة أو الثالثة ،قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صدق الله ،وكذب بطن أخيك ،اسقه العسل "فسقاه ،فقام كأنما نشط من عقال .وقوله تعالى:{إن في ذلك} ،أي: المذكور ،من إلهام الله تعالى للنحل ،وتعليمها كيف تصنع العسل ليخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ،لدلالة واضحة على علم الله وقدرته ،ورحمته وحكمته المقتضية عبادته وحده ،وتأليهه دون سواه ،ولكن لقوم يتفكرون في الأشياء وتكوينها وأسبابها ونتائجها ،فيهتدون إلى المطلوب منهم ،وهو: أن يذكروا ،فيتعظوا ،فيتوبوا إلى خالقهم ،ويسلموا له بعبادته وحده دون سواه .
/ذ70