الدعوة إلى دار السلام
وماذا بعد ذلك ..هل يموت كل شيءٍ في الإنسان ،وهل هذه الحياة دعوةٌ إلى الموت ،فلا تثير في داخله أيّة رغبةٍ في حركة الحياة في داخله ،لتتحول المسألة عندها إلى حالةٍ انفعال وإحباطٍ أمام مظاهر الفناء ،فيموت قبل أن يموت ،لأنه يفقد الامتداد في الهدف ؟إن الآية التالية تجيب عن ذلك:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ} وهي الجنة التي وعد الله المتقين بها ،حيث يعيش فيها الإنسان هناك سلام الفكر والروح والشعور والحياة ،مع الله ومع النفس ومع الناس الذين يجلسون هناك إخواناً على سرر متقابلين ،فلا يحملون في صدورهم غلاًّ لأحدٍ .وليست هذه الدعوة مجرد فكرةٍ تخطر في البال وتثير في النفس انفعالات الذات ،ولكنها الدعوة التي يمسك الله فيها بيد الإنسان ليهديه إلى الطريق المستقيم الذي يوصله إلى تلك الجنة ،بما يوفره له من أدوات الفكر والعمل ،وأجواء الروح والإيمان ،فقد خلق الله الإنسان ،وخلق معه الفطرة التي تتحرك معه بالهداية ،حيث يشمله الله بألطافه{وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} وليست هذه الهداية شيئاً يشعر معه الإنسان بفقدان الإرادة على الاختيار ،بل هي التي توصله إلى الجوّ من خلال الروحيّة الهادئة التي تقوده إلى الخط المستقيم ،في ما توحي إليه بالهداية المرتكزة على أساس الإرادة الواعية المنفتحة المنطلقة نحو إشراقة الإيمان في رحاب النور .وبذلك يستجيب الإنسان للدعوة الإلهية ،فيلتقي بالجنة من أقرب طريق .