{وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ}: لا يلحق وجوههم .
{قَتَرٌ}: القتر: الدخان أو الغبار الأسود .
هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت
وتنتهي الدنيا ،ويموت أصحاب الحسنات وأصحاب السيّئات ،ولا يبقى منهم هناك أيُّ شيء ،فقد مات كل شيء فيهم هناك ،وبدأت حياة جديدة يواجهون فيها نتائج المسؤوليّة ،فها هم يبعثون من جديد ،وفي أيديهم صحائف أعمالهم التي تحدد لكل واحدٍ منهم مصيره الجسدي والروحي تبعاً لعمله في الدنيا ،وها هم يلتقون جميعاً في ساحة المحشر ،أمام الحقيقة الواضحة التي لا تخفي أيّ شيء .وتتقطع العلاقات المرتكزة على الشرك والكفر والضلال ،ولا يبقى هناك إلا الله ،الحق الذي لا شك فيه ولا ارتياب .
ثواب المحسنين
{لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى} فلكلّ واحدٍ منهم ثواب عمله ،حسنةٌ بحسنةٍ{وَزِيَادَةٌ} فقد جعل الله للحسنة عشر أمثالها ،وقد تزيد أضعافاً في بعضها مثل الصدقة والإنفاق في سبيل الله التي ضرب الله لها مثلاً ،في{حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّاْئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ} [ البقرة:261]{وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ} أي لا يلحق وجوههم ولا يغشاها سوادٌ وظلمة ،بل يشرق فيها الصفاء والنور والحيويّة الدافقة بالإيمان{وَلاَ ذِلَّةٌ} لأنهم لم يفعلوا شيئاً يهزم روحهم ،أو يضعف موقفهم ،أو يثير فيهم الشعور بالذلة والانسحاق ،بل إنهم أخذوا بأسباب العزّة والكرامة ،من خلال ما فعلوه وقاموا به من طاعة الله وعبادته والسير في طريقه المستقيم ،ما جعلهم يواجهون الموقف أمام الله ،بقلبٍ مطمئنٍ ،ورأسٍ مرفوعٍ ،وموقفٍ ثابتٍ ،وأملٍ مشرق بالفوز والنجاة ،{أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} في رضوانٍ من الله ورحمةٍ وغفرانٍ .