{يَلْبَثُواْ}: لبث بالمكان: أقام به ملازماً له .
الحشر والتعارف يوم القيامة
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ} في يوم القيامة ،في حالةٍ من حالات انعدام الإحساس بالزمن الطويل الذي قطعوه في رحلتهم في الدنيا ،وفي انتقالهم من الدنيا إلى الآخرة ،فلا يشعرون إلا بالساعة التي هم فيها ،{كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ} لأنهم يواجهون الموقف في الضوء ،{يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} فيتحاورون ويتجادلون ،ويلقي بعضهم مسؤولية مصيره على البعض الآخر ،بينما يتهرب أولئك من المسؤوليّة ،وينفتح أهل الجنة على بعضهم البعض في حوار المحبّة ،كما ينفتحون على أهل النار في حوار القضايا التي تفرض نفسها على الساحة هناك ،في ما يحدثنا عنه القرآن في أكثر من موقع ،ولا يمنع ذلك ما أفاض به القرآن من الحديث عن الذهول الذي يصيب الناس في يوم القيامة ،لأن ذلك جارٍ على سبيل الكناية ،في ما يريد الله أن يوحي به من هول الموقف وصعوبة المشاكل التي تواجه الناس هناك ،لا سيَّما هؤلاء الذين جحدوا الله وكذبوا برسالاته ،وتمرّدوا على رسله .
{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ اللَّهِ} فلم يعملوا له ،ولم يستعدوا للنتائج السلبيّة التي حذّرهم منها الرسل ،أو للنتائج الإيجابيّة التي دعوهم إليها ،وبذلك قدموا إلى يوم القيامة من دون زادٍ ومن دون استعدادٍ{وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} لأنهم سلكوا طريقاً لا تؤدي بهم إلى النجاة ،وتركوا الصراط المستقيم ،فضاعوا ما بين شهواتهم وأطماعهم وما بين أضاليل الآخرين .