{ ويوم يحشرهم كان لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين 45} .
وإن العذاب يجيء إليهم في الآخرة كما ذكر سبحانه:
{ ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار} أي جزء من الزمان قليلا من النهار ، وذكر النهار ؛ لأن الليل قد يستطيل الإنسان وقته ، ولأن الحشر وكأنه يجيء من غير ظلام بل في إشراق ليستبين المهتدي من الضال ، كما قال تعالى:{. . . . كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من النهار . . .35}( الأحقاف ) ، وقوله تعالى:{ كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها 46}( النازعات ) ، والمراد أن يوم الحشر لا يحسون فيه بفاصل زمني بينهم وبين ما كانوا عليه في الدنيا ، فيحسون أن الدنيا بطولها ليست إلا زمنا قصيرا قضوه فيها ، وفي ذلك إشارة إلى قصر الدنيا مهما طالت فلا يحسون إلا زمنا قصيرا ، وقد قال تعالى في بيان ظنونهم نحوها{ ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون55}( الروم ) .
كما يقول سبحانه:{ يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا 102 يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا 103 نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما104}( طه ) ، وكل ذلك يصور إحساسهم بقصر الدنيا يوم تقوم الساعة .
وفي قوله تعالى:{ لم يلبثوا إلا ساعة} الدليل على أنه سبحانه يحشرهم بأقل ما يمكن من الزمن وأن حشرهم ليس عسيرا حتى يأخذ زمنا عند الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ، وهم يحسون الدنيا الفانية شيئا قصير الأمد ، ساعة من نهار ، أو يوم في تقدير أمثلهم طريقة .
ثم يقول تعالى:{ يتعارفون بينهم} التابعون والمتبوعون ، الذين ضلوا والذين أضلوا الفقراء ، الذين سخروا منهم والساخرون .
عندئذ يدرك الذين كذبوا بلقاء ربهم ما خسروه بسبب طغيانهم في الدنيا واستهزائهموقولهم ولكل نبي مانراك اتبعك الا اراذلناولذلك بين سبحانه انهم راوا وعاينوا مقام التابعين للحق كما عاينوا دركهم في الجحيم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله خسرو لانهم ظلوا واشتروا الضلالة بالهدى والحياة الدنيا بالآخرة ، لم يقدموا لأنفسهم فخسروا خسرانا مبينا ، ختم الله الآية بالخسارة العظمى التي أدت إلى الخسائر كلها بقوله تعالى:{ وما كانوا مهتدين} فنفي عنهم الاهتداء نفيا مؤكدا وبقي الضلال المؤكد .