بين الحسد والبغي
{وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} وذلك من خلال الحالة العدوانية التي تعيش في داخل شخصية الحاسد ،فتحوّله إلى إنسان عدوانيّ يعمل على إيقاع الشرّ بالمحسود ،والبغي عليه ،كما ورد في الحديث النبوي الشريف: «إذا حسدت فلا تبغ »[ 7] .
وقيل: إن الشرّ ينطلق من نفس الحاسد في التأثيرات التي تتفاعل في شخصية المحسود من خلال الإشارات التي تنطلق من الحاسد في ما يمكن أن يكون لها من قوّةٍ خفيّةٍ تؤثر في حياة الإنسان المحسود بطريقةٍ مثيرة غير مفهومة من ناحية المقاييس المادية المعروفة للناس ،وقد تكون العين هي التي تثير كل تلك النتائج ،وقد وردت الرواية عن النبي( ص ) بأن العين حقٌّ .
وإننا لا نستطيع الجزم بهذه المسألة من ناحية الإثبات أو النفي ؛لأن معلوماتنا في المنطقة الداخلية للنفس أو للروح ليست دقيقةً أو شاملة ،فلا يمكن أن ننفي ما لم يثبت لنا نفيه لمجرّد أننا لا نملك دليلاً على الإثبات ،فربما كانت هناك بعض العوامل الخفية التي لم يدركها وعينا الظاهري ،مما قد يترك تأثيراً كبيراً في هذه الدائرة .
ولكن لنا ملاحظة ،وهي أن التأثير السلبي المذكور للحسد في شخصية المحسود وفي حياته ،لو كان كما يعتقده الناس البسطاء في العقلية الجماهيرية ،لما بقي هناك ناجحٌ على الأرض ؛لأن الناجحين محسودون من قبل الناس الآخرين الذين يفقدون ذلك النجاح في حياتهم ،فيؤدي ذلكمن وجهة نظر هؤلاءإلى سقوطهم أمام حسد الحاسدين ،فإذا كان الأمر صحيحاً ،فلا بد من أن يكون له شروط أخرى في حياة الناس ،أو في طبيعة شخصية الحاسد ،ليكون تأثيره محدوداً في هذه الدوائر الخاصة ،والله العالم .