{مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} وذلك في ما يثيره في النفس من أفكارٍ شريرةٍ ،وخيالاتٍ معقّدةٍ ،وأحلامٍ كاذبةٍ ،ومشاعر حادّةٍ ،بحيث تؤدي إلى إثارة الفتنة في حركة الناس في علاقاتهم العامة والخاصة ،من خلال الإيحاءات التي يثيرها في داخل الكلمات ليعقّد الأوضاع من حولهم ،وإلى إضلال العقل والإحساس من خلال الشبهات التي يحركها أمام العقيدة ،ليدفع الناس إلى الكفر والضلال ،أو من خلال علامات الاستفهام المعقّدة أمام القضايا التي تدخل في منطقة الشعور ،أو تتحرك في دائرة العاطفة ،وإلى إثارة الغريزة في حركة الشهوات في الجسد في أجواء الإغراء والإغواء ،وإلى تحريك الذهنية المسيطرة في أجواء العلوّ والاستكبار والسيطرة التي يعيشها السلاطين على الأرض في خطّ الظلم والفساد ،وغير ذلك مما يثيره الوسواس الذي يكمن للإنسان في مواقع الغفلة ،فيدفع بالكلمة إلى السمع ،وباللمسة إلى الإحساس ،وبالفكرة إلى الذهن ،ثم يبتعد ويختفي ،ليترك الكلمات في موقع التفاعل في الذات ،وفي الإحساس ،وفي العقل ،ثم يعود من جديد إلى الوسوسة التي تترك تأثيراتها في الكيان الروحي للإنسان .
وقد ورد في الحديث المرويّ عن النبي( ص ) ،في ما يروى عن ابن عباس ،قال: قال رسول الله( ص ): «إنَّ الشيطان ليجثم على قلب بني آدم ،له خرطوم كخرطوم الكلب ،إذا ذكر العبد الله عز وجل خنس ،أي رجع على عقبيه ،وإذا غفل عن ذكر الله وسوس »[ 1] .وورد في حديث الإمام الصادق( ع ) قال: قال رسول الله( ص ): «ما من مؤمن إلا ولقلبه في صدره أذنان: أذنٌ ينفث فيها الملك ،وأذنٌ ينفث فيها الوسواس الخناس ،فيؤيد الله المؤمن بالملك ،وهو قوله سبحانه:{وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ} »[ 2] [ المجادلة:22] .وقد ورد في حديث أهل البيت( ع ) أن الوسواس الخناس يوسوس للإنسان فيوقعه في الذنب ،ثم يوسوس له فينسيه التوبة .