{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ}: استكمل قوته جسماً وعقلاً .
يوسف يؤتى حكماً وعلماً
...وعاش يوسف ،لا كما يعيش من هم في سنّه من الشباب حياة اللهو والعبث ،بل عاش حياة فكرٍ وتأمّل وعلم ،ودراسةٍ واقعيةٍ للساحة التي تحيط به لما تقتضيه الحكمة من معايشة للواقع ،وفهمٍ له ،وملاحقةٍ لخصوصيات التجارب المختلفة كي يصدر الحكم على الأشياء من قاعدة الوعي العميق لطبيعتها وطبيعة انطلاقها وحركتها ،وقد وهبه الله من فضله ،ما يكفل وصوله إلى الغايات التي يريدها من حركة حياته في خط رسالته وتدبيره ،كونه أحسن النيّة ،وصدق العمل ،وسار في الطريق المستقيم .
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} فأصبح من أولي الحكم الذين يقصدون للحكم من موقعٍ فكريٍّ عميقٍ واسعٍ ،وعلمٍ غزيرٍ شاملٍ ،جزاءً لصبره وإحسانه ،لما يمثله الصبر في حياة الإنسان من تعميقٍ للفكر وتوسيعٍ له ،أمام مصاعب الحياة ومشاكلها التي لا يتحملها إلا الصابرون ،وبما يمثله الإحسان من انفتاح على الكون في حاضر الحياة ومستقبلها ،بالشكل الذي يغني التجربة ،ويوسّع الأفق ،ويوحي بالامتداد ،{وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} في ما نخصهم به من مواهب ونعم في الحكم والعلم والقدرة .