الخطة الشريرة
وبدأت الخطة الشريرة تتفاعل في تفكيرهم ،وقرروا التخلص منه بآية طريقة ممكنة ،لأن ذلك هو السبيل إلى أن يستقلوا بعاطفة أبيهم عندما ينسى يوسف ويتقرب من جديد إليهم ،لملء الفراغ العاطفي الأبوي لديه ،وهكذا طرحوا المسألة على بعضهم البعض .
{اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا} ليضيع في التيه ،أو ليموت في الجب ،أو لتأكله السباع ،{يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} فلا يجد أمامه غيركم فيتجه بكل عاطفته إليكم .إنها الفكرة المسيطرة على أذهان الجميع ،بحيث كان كل واحد يقولها لإخوته ،ونلاحظ أنهم لم يتحدثوا عن أخ يوسف ،ولم يفكروا بالتخلص منه ،لانصراف العاطفة الجياشة تجاه يوسف ذي الميزات الجسدية والروحية ،أما أخوه ،فقد كان موقعه من حديثهم كونه الأخ الشقيق ليوسف ،ومن المعلوم أن يوسف لم يكن شقيقهم من ناحية الأم ،التي اعتبروها مسؤولةً عن هذا العطف غير العادي من أبيهم ليوسف ،وهكذا كانت الفكرة الشريرة خاضعةً للحالة النفسية المعقدة التي نفذ الوسواس الشيطاني منها إليهم ،ليوحي لهم بارتكاب الجريمة أوّلاً ،ثم بالتوبة ،وهذا هو دأب الأسلوب الشيطاني في مواجهة لحظة الخوف الإنساني من الله عندما يهم الإنسان بارتكاب ما يخالف أمره ،إذ يعجل المعصية للإنسان ،ويمنيه بالتوبة ،ثم يدفعه إلى التسويف فيها بعد ذلك ،وهكذا قال بعضهم الآخر ،إن عليكم أن تقوموا بهذه الجريمة ،وتتوبوا إلى الله بعدها ،{وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} في ما تقومون به من أعمال صالحة ،وعبادات خالصة .