{عُصْبَةٌ}: العصبة: الجماعة التي يتعصب بعضها لبعض .
المعيار الخاطىء
{إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} ،وهذا ما أثار في نفوسهم الحقد ،فقد كانوا عشرةً من أمّ ،وكان يوسف وأخوه من أمٍّ أخرى ،وربما كان ليعقوب بعض العاطفة المميّزة لهما ،كنتيجةٍ لبعض الخصائص الروحية أو الأخلاقية التي يتمتعان بها ،ولصغر سنهما الذي يجعلهما بحاجةٍ إلى الاحتضان العاطفي من جهة ،وما يستثيره ذاك السن من عاطفةٍ حميمةٍ ،تجعل الكبير يهفو إلى الصغير من جهة أخرى ،ولكن الكبارعادةًلا يفهمون ذلك ،لا سيما مع اختلاف الأمّ الذي يبعث على التعقيد في نفوس الأولاد تبعاً للتعقيد بين الأمهات ،وكان هؤلاء يفكرون بالقضية وفق معيار التفوق العددي الذي يدفع إلى ترجيحهم على الأقل ،أو انطلاقاً مما يوحيه العدد الكبير من قوة تتيح لهم تصحيح ما يعتبرونه خطأ في تمييز أبيهم في مشاعره الأبوية تجاه أولاده ،الأمر الذي عبروا عنه بقولهم الذي أشار إليه الله في قوله تعالى:{إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلال مُّبِينٍ} مما نستوحي منه أنهم كانوا لا يحترمون شخصية النبي في أبيهم ،وهو الذي لا ينطلق في سلوكه من عقدة ذاتية ،بل من حالة عقلانيّة روحيّة لا تبتعد عن خط الرسالة في السلوك الذاتي ،أو في السلوك العام ،لأن دور النبيّ أن يكون القدوة في كل شيءٍ ،لأنه يمثل الرسالة في حياته كما يمثلها في كلماته ،من خلال التكامل بين الكلمة والفعل في حركة الرسالة والرسول .
وقد يحدث ذلك للعديد من الأبناء الذين يستسلمون للعلاقة الطبيعية بين الأب وولده التي قد تتحرك في تفاصيل الحياة في أجواء التبدُّل الطبيعي في البيت العائليّ ،فلا يشعرون بالهيبة تجاه الأب التي يشعر بها الآخرون .وربما قادهم ذلك إلى فقدان التأثُّر بالجوانب الآخرى من شخصية الأب ،أو عدم الشعور بقدسيتها وعظمتها ،فينعكس ذلك على نظرتهم إليه في مشاعره وسلوكه ،بعيداً عن التعمُّق في طبيعة ذلك كله .