{آياتٌ}: الآية: العلامة والعبرة .
المعاناة الصعبة
وتبدأ القصة في حياة يوسف من موقع المعاناة الصعبة التي تجعله يعيش الكثير من الآلام ،ويقع في العديد من المشاكل ،ويصطدم في أكثر من موقف من مواقف الصراع النفسي على مستوى أخلاقه ومبادئه ،ويدخل في كثير من مجالات الدعوة إلى الله ،وينفتح على أجواء جديدة لا عهد له بها من قبل .ولكن النتائج الأخيرة تفتح له أبواب الخير بأوسع مجالاتها ،وكان لإخوته دور شرّير ،حاولوا فيه ،الدفع به إلى الهلاك ،وقد عاشوا حياتهم في جو بعيد عن الإيمان والأخلاق ،ولما ضاقت بهم سبل الحياة لجأوا إلى أخيهم ،وانتهى الأمر بهم للخضوع له ،فانتصر الخير على الشر ،والوداعة على التعقيد ،والمحبّة على الحقد ،انتصر يوسف في روحه ورسالته وإخلاصه لله .
والآيات الواردة في السورة تبعث على التفكير ،وتثير في النفس الكثير من المشاعر الروحية الطاهرة التي تدفع الإنسان إلى الرجوع إلى الله ،والثقة به ،في أشد حالات التحدي ،وفي أقسى ألوان البلاء ،فلا مجال لليأس ،ولا موقع للانهيار والسقوط ،وهذا ما أراد الله لنا أن نتمثله في هذه القصة الحافلة بألوان التعقيد في العلاقات الإنسانية بين الإخوة ،والمليئة بالمشاعر الخانقة .
أخذ العبرة
{لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِّلسَّآئِلِينَ} الذين يريدون معرفة حقائق أمور الحياة ،والاستفادة من تجارب الآخرين التي شاهدوها ،أو سمعوها ،ليضيفوا ذلك إلى ما يملكونه من تجارب ذاتية ،ليتسع لهم جانب المعرفة بحركة المستقبل في حياتهم العامة والخاصة ،وفي هذا إيحاء بالجانب الفكري للقصة ،الذي يريد القرآن توجيه الإنسان إليه لأخذ العبرة منه ،وعدم الاكتفاء بالجانب التفصيلي للأحداث بما تخفيه من لهو فكري وتسلية ذاتية ،فالهدف الاستفادة من التفاعل الإنساني مع تجربة الآخرين لتحديد الخطوات العملية المستقبلية وما يصلح للحياة ،أو ما لا يصلح لها ،وهكذا تبدأ القصة في حياة يوسف وإخوته ،بآلام يعانيها يوسف وتحدد ما يستقبله من أحداث .