قوله تعالى:{لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ 7 إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ 8 اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ 9 قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ}{آيَاتٌ} ،بمعنى عبرة ومواعظ ،للذين سألوا عن ذلك ،وهم المستخبرون عن حقيقة يوسف وقصته ؛فقد سألوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة ،فقالوا: أخبرنا عن رجل من الأنبياء كان بالشام اخرج ابنه من مصر فبكى عليه حتى عمي .ولم يكن بمكة حينئذ أحد من أهل الكتاب ولا من يعرف خبر الأنبياء ،وغنما أشار اليهود من المدينة إلى مشركي مكة ليسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا ؛فأنزل الله جز وجل سورة يوسف جملة واحدة ،فيها كل ما في التوراة من خبر وأكثر ؛فكان ذلك آية للنبي صلى الله عليه وسلم تنطق بصدق رسالته وأنه أوحي إليه بذلك من السماء .
وقد أنزل الله هذه السورة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم يعلمه فيها ما لقي يوسف من إخوته ؛إذ آذوه بالحسد والكيد والقطيعة على قتله مع تكريم الله له بالتنحية والتشريف وعلو المنزلة ،فضلا عما كتب الله له من عظيم الأجر على اصطباره على مكرهم وحسدهم وأذاهم ،ويراد من ذلك أيضا التخفيف مما يجده نبينا صلى الله عليه وسلم من موجدة وأسى لما يلقاه من أذى قريش وصدهم .