/م7
{ اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا} أي اقتلوه قتلا لا مطمع بعده ولا أمل في لقائه ، أو انبذوه كالشيء اللقا الذي لا قيمة له في أرض مجهولة بعيدة عن مساكننا أو عن العمران بحيث لا يهتدي إلى العودة إلى أبيه سبيلا إن هو سلم فيها من الهلاك{ يخل لكم وجه أبيكم} فيكن كل توجهه إليكم ، وكل إقباله عليكم ، بخلو الديار ممن يشغله عنكم أو يشارككم في عطفه وحبه ، وهذه الجملة من فوائد درر الكلام البليغ بتصويرها حصر الحب وتوجه الإقبال والعطف بصورة الضروريات التي لا اختيار للرأي ولا للإرادة فيها ، لا من ظاهر الحس ، ولا من وجدان النفس ، بعد وقوع هذه الجناية التي تقتضي إعراض الوجه ، وإعراض الكراهة والمقت{ وتكونوا من بعده} أي من بعد يوسف أو بعد قتله وتغريبه{ قوما صالحين} تائبين إلى الله من هذه الجريمة ، مصلحين لأعمالكم بما يكفر إثمها ، وعدم التصدي لمثلها ، فيرضى عنكم أبوكم ويرضى ربكم ، هكذا يزين الشيطان للمؤمن المتدين معصية الله تعالى ولا يزال ينزغ له ويسول ، ويعد ويمني ويأوّل ، حتى يرجح داعي الإيمان ، أو يجيب داعي الشيطان ، وهذا الذي غلب على إخوة يوسف فكان ، ولكن بعد رأفة مخففة لحكم الانتقام ، وهو مقتضى الحكمة التي أرادها الله:{ قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين ( 10 )}