{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ} ،فنحن لا ننفي البشرية في أصل وجودنا وفي حركة هذا الوجود ،ولكننا ننفي الفكرة التي تعارض بشرية الرسول ،فإن الرسالة هي كرامة من الله لبعض عباده الذين أراد لهم أن يحملوا تعاليمه إلى الناس ،فما المانع من أن يكرم الله الإنسان بحمل الرسالة ويمنّ عليه بها ؟وما الفرق بين الإنسان وبين الملك في هذه النقطة ،ما دامت القضية قضية رسالةٍ وتبليغ ،لا قضية تغييرٍ لنظام الكون ،للتفريق بين الإنسان والملائكة ؟ثم من قال إن الملائكة يملكون قدرةً خارقةً غير ما يملكه الإنسان ،ما دامت المسألة متعلقة بقدرة الله التي يمكن أن يعطيها أو يسلبها لأيّ مخلوقٍ من عباده ؟
{وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} ،لأننا لا نملك القدرة الذاتية على ذلك ،ولا يملكها غيرنا ،بل هي ملك الله وحده ،فإذا لم يأذن لنا بذلك إذناً تكوينياً ،فكيف يمكن أن يكون لنا هذا السلطان ،فهو الخالق والرازق والقادر على كل شيء والمرجع في كل شيء ،{وَعلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} لأنه هو الذي يملك القدرة على أي شيء يريدون الحصول عليه أو الحماية منه .