{السَّلَمَ}: الاستسلام .
{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمي أَنفُسِهِمْ} بما أخذوا به من أسباب الكفر والضلال ،ولم يتراجعوا عنه حتى جاءهم الموت وهم كافرون ،فواجهوا حساب المسؤولية ،{فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ} فاستسلموا للموقف ،لأنهم لا يملكون أمام ذلك أيّة قوّة ،وأيّ مهرب ،محاولين سلوك منطق المكابرة ،وإنكار كل تاريخهم في الكفر والضلال والعصيان ،من موقع الدفاع الغريزي عن النفس ،ظناً منهم بأن الإنكار ينفعهم في الآخرة ،كما كان ينفعهم في الدنيا ،حيث كانوا في مواجهة أعمالهم السيئة يخدعون المسؤولين عن حسابهم بالتلاعب بالألفاظ واستخدام الأساليب الملتوية في التهرب من المسؤولية ،وادعاء البراءة ،فيتركون دون عقاب .ولكن الموقف هنا يختلف تماماً عن الموقف في الدنيا ،لأن الحاكم الذي يتولى مهمّة الحساب هو الله الذي{يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [ غافر:19] .ولهذا ،يأتيهم الرد حاسماً في الرفض لهذا المنطق الكاذب{بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} فهل تملكون دفاعاً أمام الله ؟وهل تملكون الكلمة القوية التي تبرّر لكم ذلك كله ؟فلا بد لكم من مواجهة المصير المحتوم