{ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ} في موقفهم الحائر الخائف المهزوم أمام هول المحشر ،في محضر الخلائق الذين يشهدون على جرائمهم ،ويشاهدون عذابهم ،ويتطلعون إليهم وهم واجمون أمام السؤال الحاسم الذي يوجهه الله إليهم ،من موقع التأنيب والتوبيخ ،لما كانوا يعيشونه من انحرافٍ ،في منطقهم الضعيف الذي لم يرتكز على أساسٍ من علم .
{وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَقُّونَ فِيهِمْ} وتنازعون المؤمنين الموحدين ،وتثيرون من خلالهم المشاكل في طريق الأنبياء والدعاة إلى الله .فهل ترون لهم من موقعٍ في هذا الموقف العظيم ،الذي كنتم تزعمون أنهم يملكون فيه الامتيازات الكبيرة ،والحظوة العظيمة .ويلحّ السؤال عليهم ،دون أن يملكوا له جواباً ،لأن هؤلاء الشركاء لا يملكون أيّة قوة ،ولا يمثلون أيّ موقع .ويقف الذين أخذوا بأسباب العلم في الدنيا ،في ما حملوه من عقائد ومفاهيم ،واتخذوه من مواقف ،وأقاموه من علاقات ،جعلت حياتهم تتحرك في المواقع الثابتة ،وفي الطريق المستقيم ،ومنحتهم بالتالي وضوح الرؤية وسلامة التفكير في النظر إلى الأمور وإلى حركة الناس ،وأصبحوا بذلك في موقع الحكم الذي يزن الأمور ،ليطلق الحكم العدل والكلمة الصحيحة ،{قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} لأنهم لم يكفروا من حالة شك في حقيقة العقيدة في حسابات الحق والباطل ،ولكنهم كفروا من حالة عنادٍ وتمرّدٍ ،بعد أن قامت عليهم الحجة من الله ،ولذلك فإنهم يواجهون الخزي في الموقف ،في ما يلاقونه من العار كما يواجهون السوءوهو العذابفي ما يواجهونه من عذاب النار