{أُوْلِي بَأْسٍ}: البأس والبأساء: الشدة والمكروه .
{فَجَاسُواْ}: الجوس: التخلل في الديار .يقال: تركت فلاناً يجوس بني فلان ،ويجوسهم ويدوسهم أي يطأهم .قال أبو عبيد: كل موضع خالطته ووطأته فقد حسته وجسته .قال: وقيل: الجوس طلب الشيء باستقصاء
وبدأت التفاصيل{فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا} فتمردوا على الله ،وتجبروا على العباد ،وبغوا في الأرض بغير حق ،وأكثروا فيها الفساد ،وضجت البلاد منهم{بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} يملكون القوة والسلطة والمنعة ،{فَجَاسواْ خِلالَ الدِّيَارِ} وتخللوا فيها واستباحوها ،فقتلوا من قتلوا منهم ،ونهبوا ما نهبوا منها ،ودمروها تدميراً ...{وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً} لا بد له من أن يتحقق بأسبابه الكونية ،وبإَرادة الله الذي جعل الأمور مرهونةً بأوقاتها والأشياء مرتبطةً بأسبابها .
وليس في نسبة الفعل إلى الله ،بالرغم من تحققه بالأسباب الطبيعية ،أيُّ مساس بعدالته ورحمته ،لأنه بمثابة جزاء لهم على ما فعلوه من إفسادٍ واستعلاءٍ واستكبار ،ولا مانع من أن يعاقبهم الله في الدنيا بيد خلقه ،كما يعاقبهم في الآخرة بواسطة ملائكته ،وكلا الأمرين عدل .
وقد ذكر بعضهم أن المستفاد من قوله تعالى:{عِبَادًا لَّنَآ} أن هؤلاء المهاجمين كانوا من عباد الله المؤمنين ،وذلك بلحاظ نسبتهم إليه .ولكننا نعرف أن الكفّار هم عباد الله ،كما هم المؤمنون كذلك ،وإن لم يقوموا بما تفرضه عليهم العبودية من فروض الطاعة والالتزام .