{لِفَتَاهُ}: صاحبه أو خادمه .
{لا أَبْرَحُ}: لا أزال .
{حُقُباً}: دهراً وزماناً .
ملخص القصة الغريبة
وهذه قصة غريبة في طبيعتها ،إذ تشتمل على حوادث غير مألوفة ،كرجوع الحوت إلى الحياة ،واتباع موسى النبي المرسل إلى الناس عبداً صالحاً عالماً ،ليتعلم منه ما يملكه من علم بواطن الأشياء التي لم يعلّمها الله لموسى ( ع ) ،وصرامة هذا العالم الصالح في حالة الانضباط الذي يجب أن يفرضه موسى على نفسه ،بالصبر وترك السؤال في الأمور التي يحاول فيها إثارة فضوله بأعلى الدرجات ،في ما لا يمكن الصبر عليه ،لا لغرابته ،بل لمخالفته للقوانين المألوفة في شريعة موسى( ع ) .ثم يحسم الأمر مع موسى( ع ) ،فيصر على مفارقته لأنه لم يلتزم بما شرطه عليه من الصبر القاسي ،بعد أن يفسر له ما أبهم عليه من القضايا المثيرة للفضول .
أسئلة تثار حول القصة
وربما كانت هذه القصة مثيرةً لأكثر من سؤالٍ على مستوى التفاصيل العقيدية لما يجب أن تكون شخصية النبي .
فكيف يمكن أن يكون النبي موسى ( ع ) محتاجاً إلى التعلم من شخص آخر ،مع أن الفكرة المطروحة لدى الكثيرين أن النبي لا بد من أن يكون أعلم الناس ،لا سيما في القضايا المتصلة بالجوانب العملية التي تتحرك فيها الرسالة ؟
وكيف نفسر نسيان موسى ( ع ) للحوت ،أمام الفكرة التي تقول إن النبي معصوم عن الخطأ والنسيان ،حتى في القضايا الحياتية ؟
وكيف نواجه مسألة هذا الصبر النبويّ الذي ينفد أمام أيّة حالة غموض ،بعد أن أعطى كلمته للعبد الصالح أن يتبعه من دون أيّ سؤال ؟
إنها علامات استفهام ترتسم أمام القارىء العادي للقرآن ،من خلال ما يملك من تفاصيل معينة في النظرة الإسلامية للشخصية النبوية .وربما نجيب عن هذه الأمور في تفاصيل تفسير الآية الآتية .
مع تفاصيل القصة
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} ،أي ملتقاهما .وقد قيل: هو الذي ينتهي إليه بحر الروم من الجانب الشرقي ،وبحر الفرس من الجانب الغربي .وهكذا كان يريد موسى أن يصل إلى الموعد الذي يلتقي فيه العبد الصالح في النقطة التي قد توحي بها الآيات ،لأنها المنطقة التي يتمثل فيها سرّ الحياة .{أَوْ أَمْضِىَ حُقُباً} أي أو أظل في هذا السير وقتاً طويلاً حتى أصل إلى هذه الغاية ،