فتاه: خادمه ،تلميذه .
لا أبرح: لا أزال سائرا .
مجمع البحرين: مكان اجتماعهما .
حقبا: مدة طويلة:
هذه القصة الثالثة التي اشتملت عليها سورة الكهف ،وهي قصة موسى مع الرجل الصالح الذي آتاه الله علما .وهذه القصة وردت هنا في سورة الكهف ولم تكرر في القرآن .وموسى هذا اختلف المفسرون فيه: هل هو موسى بن عمران النبي المرسل صاحب التوراة ،أو موسى آخر ؟وأكثر المفسرين على أنه موسى بن عمران .وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: إن نوفا البكالي من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ،يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل ،فقال ابن عباس: كذب عدو الله .
ونوف البكالي هذا كان من التابعين ومن أصحاب سيدنا علي بن أبي طالب وإمام أهل الشام في عصره .وكان ابن زوجة كعب الأحبار ،وكان راويا للقصص ،توفي نحو سنة 95 ه .
وعند أهل الكتاب وبعض المحدّثين والمؤرخين أن موسى هذا ليس موسى بن عمران ،بل موسى آخر ،وهو متقدم في التاريخ .
والقرآن الكريم لم يحدد الأسماء ولا زمن الحادثة ،ونحن لا يهمنا الأشخاص وإنما نقف مع نصوص القرآن ،والعبرة من القصص ،وما نستفيد منها .
وفتاه: يقول المفسرون: إنه يوشع بن نون تلميذه وخليفته .ومجمع البحرين لم يحدَّد مكانهما ،وهناك أقوال كثيرة منها: أنهما البحر الأحمر والبحر الأبيض ،أو مجمع البحرين عند طنجة وغير ذلك .قال البقاعي في « نظم الدرر»: الظاهر واللهُ أعلم أن مجمع البحرين عند دمياط أو رشيد من بلاد مصر ،حيث مجمع النيل والبحر الأبيض .
وكلها أقوال بدون دليل أو خبر قطعي .
{وَإِذْ قَالَ موسى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حتى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البحرين أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ...}: اذكر أيها الرسول حين قال موسى لفتاه خادمه وتلميذه: سأظل أسير حتى أبلغ ملتقى البحرين أو أسير زمنا طويلا حتى التقي به .
وسبب ذلك كما في كتب الحديث: « عن أبي كعب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن موسى قام خطيبا في بني اسرائيل ،فسئل أي الناس أعلم ؟قال: أنا ،فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه ،فأوحى الله إليه أن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك .قال موسى: يا رب وكيف لي به ؟قال تأخذ معك حوتا فتجعله بمكتل ،فحيثما فقدت الحوت فهو هناك» .المِكتَل: الزنبيل ،القفة .