{حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} وقد يكون المراد بهما الجبلين ،لأن السد يطلق على الجبل وعلى كل حاجز يسدّ طريق العبور{وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً} في ما يوحي به ذلك من بساطتهم وسذاجة فهمهم ،بحيث لا يعيشون العمق الفكري في مواجهتهم للمشاكل ،فيحتاجون إلى الشخص الذي يدبِّر لهم أمورهم ،ويقودهم إلى الحلول الممكنة التي كانوا يستطيعون الوصول إليها بأنفسهم ،لو كانوا يملكون الوعي الكامل المنطلق من حالة المعاناة الفكرية .وهذا ما واجهوه مع أولئك الذين كانوا يعيشون في الجانب الآخر من المنطقة ،وراء الجبلين ،فقد كان بإمكانهم أن يبحثوا عن الوسيلة التي يستطيعون أن يتخلصوا بها من ضغطهم على واقعهم في ما يتحركون به من إفساد البلاد والعباد ،إما بالمواجهة ،أو بالمعاهدة ،أو بغير ذلك من الأمور ،ولكنهم لم يجدوا هناك إلاّ إقامة السدّ بينهم ،ليكون ذلك حاجزاً طبيعياً يمنعهم من القدوم إليهم ،أو الهجوم عليهم .وهكذا طرحوا المسألة على ذي القرنين بسذاجة وطيبة وبساطة .