( حتى إذا بلغ بين السدين ) وهما جبلان متناوحان بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك ، فيعيثون فيهم فسادا ، ويهلكون الحرث والنسل ، ويأجوج ومأجوج من سلالة آدم ، عليه السلام ، كما ثبت في الصحيحين:"إن الله تعالى يقول:يا آدم . فيقول:لبيك وسعديك . فيقول:ابعث بعث النار . فيقول:وما بعث النار ؟ فيقول:من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار ، وواحد إلى الجنة ؟ فحينئذ يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها ، فيقال:إن فيكم أمتين ، ما كانتا في شيء إلا كثرتاه:يأجوج ومأجوج ".
وقد حكى النووي ، رحمه الله ، في شرح "مسلم "عن بعض الناس:أن يأجوج ومأجوج خلقوا من مني خرج من آدم فاختلط بالتراب ، فخلقوا من ذلك فعلى هذا يكونون مخلوقين من آدم ، وليسوا من حواء . وهذا قول غريب جدا ، [ ثم] لا دليل عليه لا من عقل ولا [ من] نقل ، ولا يجوز الاعتماد هاهنا على ما يحكيه بعض أهل الكتاب ؛ لما عندهم من الأحاديث المفتعلة ، والله أعلم .
وفي مسند الإمام أحمد ، عن سمرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ولد نوح ثلاثة:سام أبو العرب ، وحام أبو السودان ، ويافث أبو الترك ". قال بعض العلماء:هؤلاء من نسل يافث أبي الترك ، قال:[ إنما سموا هؤلاء تركا ؛ لأنهم تركوا من وراء السد من هذه الجهة ، وإلا فهم أقرباء أولئك ، ولكن كان في أولئك بغي وفساد وجراءة . وقد ذكر ابن جرير هاهنا عن وهب بن منبه أثرا طويلا عجيبا في سير ذي القرنين ، وبنائه السد ، وكيفية ما جرى له ، وفيه طول وغرابة ونكارة في أشكالهم وصفاتهم ، [ وطولهم] وقصر بعضهم ، وآذانهم . وروى ابن أبي حاتم أحاديث غريبة في ذلك لا تصح أسانيدها ، والله أعلم .
وقوله:( وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا ) [ أي]:لاستعجام كلامهم وبعدهم عن الناس .