{وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} واخضعوا له ،ونفذوا أوامره ،وابتعدوا عن نواهيه ،في كل جوانب الحياة ،من أجل الحق والعدل والسلام ؛{هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} لأنه يصل النهاية بالبداية في خط مستقيم ،في ما يوحد العلاقة بإله واحد ،ويحدد للإنسان الحرية أمام الكون كله ،وأمام الناس كلهم ،ويشرع له ما يصلح أمره ،ويبعده عما يفسد حياته ،ويدفعه إلى التوازن في كل الأمور ،فلا التواء ولا انحراف في أيّ تصورٍ أو سلوكٍ ،أو علاقةٍ ،أو منهجٍ للحركة وللحياة ..
ولا تحتاج المسألة في ذلك كله إلا إلى الوعي العميق لسر الألوهية المتصلة بالوحدانية .وإلى دراسة الإنسان في عناصر ضعفه ،وعناصر قوته ،لما يكفل عدم إخراج أي إنسان عن حدود الإنسانية المحتاجة في كل شيء إلى مصدر القوة والحياة ،هذه القوة التي تمثل الغنى المطلق مقابل فقر الإنسان المطلق في ما تعنيه علاقة المخلوق بخالقه .ولهذا فإن من الضروري أن تكون الدراسة للوجود ،في القوى الإنسانية والكونية ،خاضعة للموازين الدقيقة التي ترى القوة الإنسانية في حجمها الطبيعي ،فلا تغلفها الأسرار الغامضة التي يفرضها التصور المنحرف ،ويوحي بها الخيال الواسع .فإن كثيراً من حالات الغلوّ في نظر الناس إلى الشخص العظيم ،تتأتى عن الأوهام الذاتية ،والتصورات الخيالية التي يضيفها الناس إلى الشخص ،فينفخون شخصيته دون الاستناد إلى حقيقته في الواقع .